السيره الذاتيه للإمام الشيخ الحسن البصري
جاء البشير يبشر زوج النبي (أم سلمه) بأن مولاتها "خيره" قد وضعت حملها وولدت غلاما
فغمرت الفرحه فؤاد ام المؤمنين رضوان الله عليها فبادرت ورسلت رسولا ليحمل الوالده مع مولودها لتقضي فترة النفاس في بيتها فقد كانت ام الحسن البصري حبيبه الى قلب ام سلمه
كان الحسن البصري وهو مولود وصغير قسيما وسيما بهي الطلعه تام الخلقه فقد كان يسر الناظرين إليه
فالتفتت ام سلمه ال مولاتها وقالت :
اسميتي غلامك يا خيره
فقالت : لا يا اماه
لقد تركت ذلك لك لتختارين له من الاسماء ما تشائين
فقالت ام سلمه رضي الله عنها :
نسميه على البركه الحسن ثم رفعت يدها ودعت له بصالح الدعاء
لاكن الفرحه بالحسن لم تقتصر على بيت ام المؤمنين ام سلمه رضي الله عنها وانما شاركها فيها بيت آخر من بيوت المدينه
هو بيت الصحابي الجليل زيد بن ثابت كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذلك ان يسار والد الصبي كان مولى لو ايضا وكان من اعز الناس عنده واحبهم اليه
نشاء الحسن بن يسار الذي عرف فيما بعد بالحسن البصري
في بيت من بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم
وربي في حجر زوجه من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وهي (هند بنت سهيل ) المعروفه بأم سلمه حيث كانت من اكمل نساء العرب عقلا واوفرهن فضلا واشدهن حزما
كما كانت من اوسع زوجاته صلى الله عليه وسلم علما واكثرهن روايه عنه
حيث روت عن النبي صلوات ربي عليه ثلاثمائه وسبعه وثمانين حديثا وكانت من النساء القليلات اللواتي يكتبن في الجاهليه
ولم تقف صله الصبي المحفوظ بأم المؤمنين ( ام سلمه ) عند هذا الحد
وانما امتدت الى ابغد من ذلك فكثير ما كانت (خيره) ام الحسن تخرج من البيت لقضاء بعض حاجات ام المؤمنين فكن الطفل الرضيع يبكي من جوعه ويشتد بكاؤه فتأخذه ام سلمه الى حجرها وترضعه من ثديها به وتلهيه عن غياب امه
فكانت لشدة حبهاله يدر ثديها لبنا سائغا وبذلك عدة ام المؤمنين ام سلمه اما للحسن من جهتين
كونه من المؤمنين
وهي امه من الرضاعه ايضا
فقد ترعرع ونما وتربى في بيت النبوه
ولما بلغ الحسن البصري ۱٤ربيعا من عمره ودخل في مداخل الرجال انتقل مع ابويه الى البصره واستقر فيها مع اسرته
ومن هنا نسب الحسن البصري الى البصره
وعرف بين الناس بالحسن البصري
كانت البصره يوم امها الحسن قلعه من اكبر قلاع العلم في دولة الاسلام
وكان مسجدها العظيم يموج بمن ارتحل إليها من كبار الصحابه والتابعين
وكانت حلقات العلم على اختلاف ألوانها تعمر باحات المسجد ومصلاه
وقد لزم الحسن المسجد وانقطع الى حلقه عبدالله بن عباس حبر الامه واخذ عنه التفسير والحديث والقراءات والفقه وغيرها حتى غدا عالما جامعا فقهيا ثقه
فاقبل النا ينهلون من علمه الغزير والتفو حوله يصغون الى مواعظه التى تستلين القلوب القاسيه وتستدر الدموع العاصيه
ولقد انتشر امر الحسن البصري في البلاد وفشا ذكره بين العباد
حدث خالد بن صفوان قال
لقيت مسلمه بن عبد الملك في الحيره فقال لي :
اخبرني ياخالد عن حسن البصره فإني اظن انك تعرف من امره ما لا يعرف سواك
فقلت : اصلح الله الامير
انا خير من يخبرك عن بعلم
فانا جاره في بيته وجليسه في مجلسه واعلم اهل البصره به
فقال : مسلمه هات ما عندك
فقلت : إنه امرؤ سريرته كعلانيته وقوله كفعله
إذا امر بمعروف كان اعلم الناس به واذا نهى عن منكر كان اترك الناس له
ولقد رأيته مستغنيا عن الناس زاهدا بما في ايديهم
ورأيت الناس محتاجين إليه طالبين ماعنده
فقال مسلمه حسبك يا خالد حسبك
كيف يضل قوم فيهم مثل هذا
ولما ولي الحجاج بن يوسف الثقفي العراق وطغى في حكمه وتجبر
كان الحسن البصري احد الرجال القلائل الذين تصدو له ولطغيانه
عمر الحسن البصري
فقد عاش الحسن البصري نحوا من ثمانين عاما ملاء الدنيا خلالها علما وحكمه وفقها
وفاته رضي الله عنه
توفي الحسن البصري ليله الجمعه في غرة رجب سنة مائه وعشر لبى نداء ربه
فلما اصبح الناس وشاع خبر موته ارتجت البصره لموته رجا
فغسل وكفن وصلي عليه بعد الجمعه في الجامع الذي قضى في رحابه جل حياته عالما ومعلما وداعيا الى الله
